9
Indivisible

 

بعد سنوات من التطوير عبر خدمة الدعم اندي جوجو تنجح لعبة تعاقب الأدوار Indivisible من فريق التطوير Lab Zero Games  من الخروج أخيراً للنور حاملة معها كافة الوعود التي تم تقديمها خلال برنامج الحملة، كلعبة تعاقب أدوار تمزج معها عناصر المنصات لتقديم تجربة يفتقر إليها سوق الألعاب خلال العشر سنوات الماضية وربما أكثر. بعد تجربة معمقة لهذا العنوان، نقوم من جانبنا بتقديم المراجعة الكاملة التي يستحقها معجبي ألعاب الآربيجي وتحديداً لعبة Valkyrie Profile فابقوا معنا.

فكرة عامة

اللعبة تحاكي ألعاب الآربيجي الكلاسيكية التي ظهرت بفترة تسعينيات القرن الماضي بتقديم لعبة تمزج بين عناصر ألعاب المنصات والدخول في معارك بأسلوب تعاقب الأدوار التقليدية، ونعم عنوان Valkyrie Profile هو المرجع الأول لفريق التطوير هنا فإن كنتم من محبي العنوان المذكور فربما تجدون رائحة عبق تلك الأيام في Indivisible والحديث لا يتوقف عند هذا الحد بكل تأكيد.

القصـــة

تبدأ أحداث اللعبة بمشهد لمعركة حاسمة بين الخير والشر ومنح اللاعب فرصة التحكم للحصول على فكرة مبكرة عن ما ينتظره من أسلوب القتال مستقبلاً وهذا النوع من المقدمات متعارفٌ عليه بألعاب تعاقب الأداور بتسعينيات القرن الماضي. بعد نهاية المعركة تبدأ القصة بعد مرور 16 عاماً على الحادثة ومباشرة تسلط الضوء على بطلة اللعبة الفتاة آجنا Ajna من قرية Ashwat والأحداث تتسارع بسرعة حيث ستفقد والدها Indar على يدي فارس يدعى Dhar ومن هنا تبدأ آجنا رحلتها بتقصي حقيقة أمر الغزاة الذين ينتمي لهم الفارس لتكتشف بعد ذلك الكثير من الأسرار التي كانت تجهلها عن قواها وما يجري بالعالم.

البناء العام لأحداث القصة وتسلسلها رائع ويحافظ على الشعور بالتجديد بمعظم ساعات التختيم، فمع كل جلسة أبدأ بها اللعب كنت دائماً متشوقاً لمعرفة المزيد عن عالم اللعبة، إضافةً لنجاح القصة برمي بعض التساؤلات المثيرة منذ الدقائق الأولى لها مثل القدرة الغريبة لآجنا على احتجاز المقاتلين بداخل ذهنها دون إرادتها أو إرادتهم والإضطرار للمغامرة والقتال معاً رغم اختلاف أهدافهم. شخصيات اللعبة متفاوتة، البعض منهم مثير والآخر عادي ولكن الجميع يملك هوية خاصة ودور في عالم اللعبة أما التمثيل الصوتي فهو متواجد مع كافة الحوارات الرئيسية والأداء جيد جداً.

رغم أن اللعبة ثنائية الأبعاد ومظهرها يبدو بسيطاً بنظر المشاهد إلا أنها تنجح في تصوير أحداث القصة بشكل مقرب من الشخصيات وعالمها، تخفق فيه العديد من الألعاب ثلاثية الأبعاد والتي من المفترض بأن تكون الأفضل من هذه الناحية. الحوارات هنا مختصرة وبسيطة وتخدم توسعة عالم اللعبة بشكل مباشر دون المماطلة بسلسلة من الحوارات حتى نحصل على إجابة واحدة كما يحصل بألعاب تعاقب الأدوار بشكل عام وحقيقة هذا القرار يخدم تجربة Indivisible خصوصاً لإحتوائها على عناصر ألعاب المنصات ومن الممل إيقاف متعة تحديها من أجل الحوارات المطولة.

عالــم اللعبة وعناصر المنصــات

تستلهم اللعبة بيئاتها من الحضارة الهندية مع بعض الخرافات طبعاً، لكنه توجهٌ نادر التطرق له في الألعاب خصوصاً ألعاب تعاقب الأدوار التي تتباهى بإستعراض مراحلها الضخمة والمتنوعة. لا أخفيكم بأن الإختيار لهذا النوع النادر من الحضارات قد أبقى سحر جماله عالقاً في ذهني حتى بعد تختيمي للعبة، المراحل ليست كثيرة، بل خمسة تقريباً، وخارطة كل واحدة فيهم تعادل حجم خارطة واحدة من عوالم لعبة Ori & The Will of the Wisps إلا أن التجول في خرائط Indivisible أشبه بالتجول في عالم كامل وساحر والآن نأتي للجزء الثاني من الخلطة.

ستلاحظون صغر حجم شخصية آجنا بالمقارنة لخلفيات اللعبة بعكس الذي نشاهده في ألعاب الـ 2D الأخرى، بهذه الطريقة يبرز المطور أكبر قدر من خلفيات ومعالم اللعبة للاعب بحيث يمنحه الشعور بزيارة العديد من مناطق اللعبة رغم أن الخارطة هي نفسها بل ربما أقل من ألعاب شهيرة مثل Ori أو Bloodstained ويمكنني القول بأن أقرب مثال للمراحل هو لعبة هرقل Hercules الصادرة زمن أجهزة السيجا ساترون والبلايستيشن ون. والآن اقتربنا كثيراً من شرح الميزة الأخرى وهي عناصر المنصات في مراحل اللعبة.

في لعبة هرقل، تتذكرون تسلق الجبال وكسر الحواجز أو الأرضيات المتصدعة، هذا ما ستصادفونه في Indivisible ولكن بشكل موسع حيث توجد قدرات القفز على الجدران والإنزلاق وتجميد الأعداء وغيرها من القدرات التي سيتم اكتسابها تدريجياً أثناء تقدمكم ومعها تتوسع عملية استكشاف المراحل. نقاط التنقل السريع ليست متواجدة بكثرة وستضطرون من السفر على الأقدام كثيراً والمرور بمراحل اللعبة مراراً وتخطي منصاتها إلى أن كل ذلك مدروسٌ جيداً من قبل المطور ومع اكتساب المزيد من المهارات تصبح عملية التجول أسهل والتقليل من نقاط التنقل هو أحد الأسباب التي تساعد في منح الشعور بضخامة عالم اللعبة.

أسلــوب القتـــال

الدخول في القتال يتم عن طريق ملامسة العدو الظاهر أمامكم في مراحل اللعبة وكلما كان الدخول مع العدو مفاجئاً، كلما صب ذلك في مصلحتكم والعكس صحيح. عند بدء القتال يتم توزيع شخصيات فريقكم الأربعة على أزرار الواجهة X، Y، B، A على الإكس بوكس أو ما يعادلها من الأزرار في نسخ الأجهزة الأخرى وكل شخصية يتم القتال بها بإستخدام الزر المخصص لها وعدد الضربات الممكنة لكل شخصية يصل إلى عدد خمس ضغطات كحد أقصى. نظام القتال مبني على ألعاب Valkyrie Profile وربما Super Robot Wars: Endless Frontier وإن حظيتم بفرصة تجربة الألعاب المذكورة فلن يصعب عليكم فهم الفكرة هنا.

طابع القتال سلس وسريع على عكس الألعاب المذكورة أو ما تعودنا منه في ألعاب الصنف والفريق استعان هنا في خبرته التي اكتسبها من تطوير ألعاب القتال وجلبها لمعارك لعبة Indivisible، إن فاتنا ذكر ذلك، فريق لاب زيرو هم نفسهم مطوري سلسلة القتال الإحترافية Skull Girls ومن هنا نجد المعارك في Indivisible تتحلى بطابع ألعاب القتال مثل كسر دفاع الخصم ونظام الكومبو مثل رمي الخصم في الهواء بالإستعانة بأحد أفراد الفريق وبعدها توجيه ضربات مضمونة إليه وهو في الهواء من قِبل بقية الشخصيات إضافة إلى إمكانية التصدي والهجوم المعاكس وحتى الإفلات من مسكة العدو في حال كان من النوع المقاتل القريب المدى، ومع السلاسة والسرعة التي نعيد التأكيد عليها، ينجح الفريق بجعل كافة معارك اللعبة مسلية ولا تفصل ما بين متعة المنصات والآربيجي في اللعبة.

من السلبيات التي لم يُحِط بها الفريق بشكل تام، هي بأن أي بقعة من عالم اللعبة تتحول لساحة قتال عند مصادفة العدو عليها، وبما أن الشخصيات تضطر للتحرك يميناً وشمالاً لتطبيق ضرباتها فيمكنكم تصور ماذا سيحدث إن كان في أرضية القتال جُرف يمكن للشخصيات أن تسقط منه أو جدار يمكن للشخصيات الصعود عليه عن طريق الخطأ. إن لم يتم إخراجكم من القتال تلقائياً، فقد تضطرون إلى الخروج من اللعبة والبدء من جديد بسبب هذه الأخطاء في تركيبة اللعبة. من العدل بأن نذكر بأنها حالات قليلة جداً كما أن اللعبة لا تجبركم على خوض كافة النزالات ولكن كان بالإمكان إضافة خيار الهروب من النزال Run الذي نشاهده في كافة ألعاب الصنف تقريباً وذلك لتفادي حصول مشكلة كالمذكورة بالأعلى.

الزعمـــاء

بالتأكيد لن نختم مراجعتنا قبل الحديث عن كمية الإبداع التي بذلها المطورين في تصميم نزالات الزعماء في لعبة الآربيجي Indivisible والتي تكاد الأولى من يقوم بذلك على الأقل من جانب معرفتي الطويلة بالصنف. مبدئياً طريقة أوامر القتال هي نفسها في المعارك العادية ولكن الفريق استفاد كثيراً من حقيقة كون تجربة اللعبة هي خليط ما بين ألعاب المنصات والآربيجي والنتيجة مبهرة جداً. في جزئيات معينة “يفاجؤكم” الزعيم بالخروج من القتال وتحول اللعبة لعنصر ألعاب المنصات وبعدها يتوجب عليكم تجاوز التكتيكية القتالي الذي سيشنه عليكم بطريقة ألعاب المنصات.

الحديث وحده قد لا يصف النتيجة الرائعة التي قدمتها لعبة Indivisible ولكن توقعوا بأنكم ستحتاجون لأي مهارة “منصات” اكتسبتموها من رحلتكم في اللعبة مثل التسلق والركض السريع والتحليق وغيرها في نزالكم مع الزعيم وكما هو مذكور في فقرة القتال بالأعلى، سلاسة القتال وطابعه السريع ما بين التمرير بين نمط ألعاب المنصات والآربيجي هو السبب خلف نجاح فكرة المطور بشكل أساسي. ستختلف أحجام وتكتيكات الزعماء من زعيم لآخر وتقريباً يمكن وصف التجربة هنا بأنها جديدة كلياً على مستوى ألعاب تعاقب الأدوار إلى جانب الإتقان في تطبيقها.

ختاماً …

رسوميات جميلة، ألحان متناسقة، شخصيات وقصة عفوية دون الحوارات الإستعراضية المطولة والتركيز على التجربة المتكاملة والمشوقة التي قد لا تنجح بتقديمها الألعاب الضخمة وكل ذلك بسعر 40 دولار. اللعبة تحتوي على عدد من الأسرار والخفايا المخبئة التي تندرج تحت الأعمال الإضافية التي يمكنكم القيام بها أو تجاهلها ولا تؤثر على نسبة تجميع انجازات اللعبة وهي مبادرة رائعة من الفريق. ستلاحظون احتواء اللعبة على افتتاحية سينمائية مقدمة بالتعاون مع أستوديو Trigger الياباني كنوع من أنواع التحبيب في شخصيات اللعبة لكن الحقيقة بأن التجربة الكلية هي من قام بالمهمة كاملةً وذلك كان واضحاً من الوهلة الأولى بدمج شخصية اللعبة الرئيسية Ajna مع شعار الفريق الذي يظهر بالبداية تعبيراً عن افتخار الفريق بمنتجه.

تقييمنا
مؤسس موقع بوسفايت جيمنج، لاعب مخضرم، كاتب مميز، مهتم بالجانب المشرق من الصناعة ويفضل إبرازه دائماً للاعبين. مسرورٌ بخدمة القراء وهدفه الإفادة والإستفادة بمجتمعات ألعاب الفيديو.
التعليقات
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com