10
Bloodstained: Ritual of the Night

عندما تشغل منصباً مهماً وتكون أحد المسؤولين عن مشاريع إحدى الشركات المرموقة مثل كونامي “سابقاً” فمؤكد لن تعفيك الجماهير من تقديم ما عوَّدتهم عليه إن فكرتَ بالرجوع خطوة للوراء بعد خروجك من ذلك المنصب حتى لو كان الموقف إلى جانبك. عبر السنوات الماضية، شاهدنا العديد على هذه الأمثلة مع مطوري الألعاب ومعظم الحالات لم ترتقِ للتطلعات المأمولة وكالبقية، هذا ما تعرض إليه مطور الألعاب الياباني كوجي ايقاراتشي عند خروجه من شركة كونامي بالعام 2014 فكيف كان الرد؟ 

علينا أن نعلم في البداية بأن المطور عاد بإمكانياته إلى نقطة الصفر، حيث إلتحق بفريق صغير مخصص لألعاب الهواتف “Art Play” وبالإستعانة بخبرته بالإنتاج والتطوير الطويلة، كسب بعض الأشخاص المفتاحيين لمشروعه القادم وضمهم إلى جانبه وبعد ذلك قام بتوظيف عدد من فِرق التطوير الصغيرة لكي تعمل على المشروع تحت اشرافه وذلك حسب الإمكانيات التي توفرت بين يديه والمحرك الرئيسي كانت المساعدات والثقة التي جمعها من المعجبين عبر خدمات الدعم. هذه قصة نشأة لعبة Bloodstained: Ritual of the Night وهدفها الرئيسي، هو بإعادة إحياء أعمال المطور الشهيرة للجماهير التي تعلقت بمشاريعه حتى تم تلقيبها تيمناً بإسمه “ايقافينيا” ولنبدأ المراجعة على بركة الله.

تمهيد …

لعبة بلودستيند هي لعبة ميترويدفينيا الغرض منها هو إعادة إحياء الصنف الذي برع فيه كثيراً المطور كوجي ايقاراتشي للمعجبين بهذا الزمن، وآخر لعبة قام بتقديمها كانت بالعام 2008 قبل أن تختفي سلسلة أعماله لتغيُّر سياسات شركته التي ينتمي إليها حينها، فإن كنتم من محبي ألعاب الميترويدفينيا بشكل عام فاللعبة موجهة لكم وإن كنتم من معجبي الألعاب التي عمِل عليها المطور، فخياركم هنا ولن تجدوه بأي مكانٍ آخر وهذا الغرض الفعلي لوجود هذه اللعبة.

القصة …

أحداث القصة تسلط الضوء على حروب البشر ضد المخلوقات الشريرة القادمة من العوالم السفلية ولمواجهتها، قامت مجموعة من البشر التي تنتمي لمنظمة خاصة يطلق عليها “نقابة الكيميائيين” بالتصدي لهذا الخطر عن طريق تجارب بعِلم الكيمياء على مجموعة من البشر المتطوعين تم إطلاق تسمية “الشاربايندرز” عليهم، وتلك التجارب تكسبهم القدرة على التبلور وتسخير قوة الكريستال لقتال هذه المخلوقات وحبسها بهذه القدرات من ثم امتصاص قدرات تلك المخلوقات التي تتجسد بهيئة كريستالية، لكن بالمقابل يفقد ذلك المُتطوع إنسانيته ويميل أكثر بجنسه الجديد إلى الوحوش.

بعد عشر سنوات من إنتهاء الحرب، تعود المخلوقات الشريرة للظهور مجدداً وهنا يتم إيقاض الشاربايندر بطلة اللعبة الفتاة “ميريام” من سُباتها من قبل أحد أعضاء المنظمة يُدعى جوهانز، لتبدأ معها مغامرة اللعبة لإيقاف الوحوش الشريرة لكن المفاجأة بأن من قام بتحرير الوحوش هو صديق ميريام المُخلص والشاربايندر الوحيد المُتبقي لجانبها المدعو بـ “جيبِل” ومن هنا تبدأ حبكة اللعبة لإكتشاف ميريام للحقائق التي دارت أثناء فترة سباتها ووضع حد لهذه المعركة التي أهدرت الكثير من الأرواح خلالها.

ميريام “المظهر”

من قام بتجربة ألعاب كوجي ايقاراتشي السابقة سيدرك بأن أحد الخلطات الرائعة هي الشخصيات البطولية في ألعابه والتي دائماً ما كانت تُقَدَّم بطريقة مميزة. في بلودستيند، من الوهلة الأولى التي ستتعرف فيها لشخصية ميريام ستكون لك الحرية بتزودها بسلاح من بين إثنين، وهذه أول المؤشرات على أن الشخصية التي تشاهدها ستكون أقرب إليك أكثر مما تتصور ومع تقدم الوقت قليلاً  في المغامرة وأجوائها الساحرة، ستشعر بسرعة تعلقك بالشخصية قبل أن تبدأ بالطريق الطويلة.

إضافة على إمكانية تخصيص الأسلحة ونوعية أسلوب القتال الذي ستتمرس به كلاعب بميريام، قام المطور بتعريف سلسلة أعماله على عُمق أبعد منذي قبل حيث ستتاح الإمكانية لك بتغيير مظهر الشخصية من تسريحة شعرها ولونه ولون البشرة وغيرها من الإكسسوارات وبالرغم من عدم توفر كمية كبيرة من الخيارات إلا أنها كافية لمنحك شخصية ميريام “المظهر والشكل” التي ترغب بأن تنهي المغامرة برفقتها وهذا عُمق لم نحصل عليه بأعمال المطور السابقة.

ميريام “أسلوب القتال”

أسلوب القتال والتحكم هنا أقرب إلى اصدارات Castlevania: Circle of the Moon وSarrow of Dawn حيث أن امتصاص قدارت الوحوش بتلك الألعاب مجسد هنا بالكريستالات التي تجمعها ميريام. كريستالات الوحوش مقسمة إلى خمسة أنواع، الأحمر هو الهجومي ويستخدم بزر Y، الأزرق هي المهارات المخصصة لحل بعض العقبات ويستخدم بزر RB، البنفسجي هي مزيج بين نوع الهجوم وحل العقبات وتستخدم بزر RT وجميعها تستهلك طاقة لإستخدامها. اللون الأصفر للكرستالات المُعززة لبعض القدرات والكرستالات الخضراء لإستدعاء بعض الوحوش المرافقين أثناء القتال وكليهما لا يستهلك طاقة.

المذكور بالأعلى هو المتعلق فقط بمهارات الكريستالات أما الأسلحة التي يمكن تزويدها لميريام فهي متنوعة (خناجر، سيوف، فؤؤس، مسدسات .. ) وكل نوع له نماذجه المتطورة والتي قد تحتوي على مزايا إضافية. بهذا تكون الشخصية قادرة على القتال بطُرق كثيرة ومتنوعة تُرضي رغبة اللاعب بالحصول على الشخصية الرئيسية التي يرغب بها دون قيود، وبناهية المغامرة يُمكن القول بأن المطور نجح بتقديم شخصية أيقونية أخرى تعلق في أذهان المعجبين لمدة طويلة من الزمن.

بناء اللعبة …

كبقية ألعاب المطور تحديداً اصدارة سيمفوني أوف ذا نايت، لدينا مجموعة خرائط موصولة مع بعضها يمكن الذهاب والعودة إليها في أي وقت أثناء المغامرة. ليس بالضرورة التوجه لمنطقة قبل غيرها فاللعبة توفر للاعب نوع من الحرية من هذا الجانب، ولمن يحب الإنطلاق على حسب توجيهات جاهزة، فيمكنه ذلك من خلال زيارة الشخصيات الإفتراضية باللعبة. وبالحديث عنهم، فاللعبة تُقدم عدد من الشخصيات الإفتراضية لأغراض الشراء والبيع والتطوير إضافة لإستلام المهام الفرعية التي يتم مكافأتكم عليها بسخاء حال الإنتهاء من تنفيذها.

يمكن القول بأن في كل خارطة يوجد زعيم بإنتظاركم والأكيد بأنه يوجد صنف مختلف من الأعداء تواجهونه بكل واحدة من خرائط اللعبة وذلك لتسهيل عملية العثور على النوع الذي تستهدفون قتاله والحصول على الغنائم التي يحملها. بالتأكيد، لن تكون لعبة ميترويدفينا إن لم تكون هنالك جزئيات وغرف في اللعبة لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال الحصول على قدرات خاصة. هذا ما تحتاجون معرفته بشكل ملخص عن بناء اللعبة ومن خلال التجربة يمكن القول بأن المطور صقل خرائطه بأفضل شكلٍ ممكن لتقديم تحديات الميترويدفينيا المشوقة والمعهودة من ألعابه.

العُمق في القتال

كما هو مذكور بفقرة ميريام بالأعلى، اللعبة تحتوي على عدد متنوع من الأسلحة والمهارات ولكن إلى أي مدى؟ الإجابة هي إلى مدىً أبعد بكثير مما يتصوره المعجبون! فعلاوة على اختلاف المزايا بين نموذج سلاحين من نفس الصنف، قد يحتوي أحدهما على قدرة خاصة لا يمتلكها الآخر مثل القيام بـ Charge Attack! أي بمعنى بأن مستوى التعمق من سلاح لآخر قد يصل لدرجة اختلاف كلي وليس مظهري وحسب، هذا ونحن نتحدث عن صنف واحد من الأسلحة! مما يعطينا فكرة عن الوقت الطويل الذي استغرقه المطورين بتمييز كل سلاح عن آخر في اللعبة.

وإلى جانب كل هذه الأسلحة، يمكن تطبيق ضربات خاصة بكل سلاح أشبه بطريقة تطبيق ضربات ألعاب القتال وهو أمرٌ معروف لدى معجبي ألعاب المطور. ومع كل هذا التنوع، قام المطور بتوفير قائمة اختصارات لحفظ عدد من تسليحات الشخصية وتستخدم للتبديل السريع أثناء اللعب عن طريق زر LB عوضاً عن إيقاف اللعبة والذهاب لقائمة الأدوات بكل مرة، والقرار بالنهاية يعود للاعب لإستغلال هذه القائمة أم لا.

العُمق في الإستكشاف

أحد طموحات المطور في اللعبة كانت بتقديم تجربة تمتد لضِعف أعماله السابقة وهذا ما فتح باب التساؤلات ما إذا كان المطور سيحقق هدفه دون تضحيات، وبالفعل اللعبة تكافؤك وتخبئ لك الأسرار على امتداد المغامرة وبكل خارطة تقريباً توجد بعض التساؤلات والغموض التي تحوم بها وكيفية استكشافها بالكامل! وهنا ينجح المطور بتحدي اللاعب وغمس تفكيره في عوالم ألعاب الميترويدفينيا ومن الأمثلة الواضحة التي قد تصادف الجميع باللعبة هي المراحل المائية وكيفية العثور على الطريقة التي ستمكن اللاعب من استكشافها وغيرها المزيد.

رغم معرفتي بألعاب المطور الماضية وبعض الحيل لحل تحدياتها “نقصد الإستكشاف” إلا أن المطور فاجأني هنا كأحد المعجبين بحبك تحديات بلودستيند بطريقة تُميزها عن أعماله السابقة! مما أعاد نفس الشعور الأول عند المرور بتحديات ألعابه الأصلية وهنا تحية كبيرة نلقيها للمطور. الكثير من الأسرار والغُرف السرية اكتشتها أثناء وبعد تختيم اللعبة، جعلت من المدة الإضافية التي قدمتها بلودستيند على أعمال المطور السابقة قيمة وثمينة لأبعد الحدود وكيف إذا عُدنا إلى قائمة الأسلحة والأدوات المتنوعة؟ فعلاً أعطتني شعوراً بمتعة لا متناهية!

الألحان والمظهر التقني

الألحان لا غبار عليها وهي من نفس ملحنة سلاسل كاسلفينيا والأداء هنا مميز بحق ويدخلكم مباشرة بأجواء اللعبة ويُكسبها طابعها الخاص، أما الجانب التقني قد يُعيبه بعض الأخطاء التقنية الطفيفة التي تم حل مُعظمها أثناء كتابة هذه المراجعة وقد نضيف أيضاً بأن التوجه الفني يُعرقل ملاحظة/ الإنتباه لبعض هجمات الأعداء عدا ذلك فهو رائع ولم أشعر بأني افتقدت لمسة رسوم البيكسلات الفاخرة بألعاب المطور السابقة.

وبالحديث عن الزعماء، عددهم مرضي ونزالاتهم ملحمية في معظم الأحيان وعند إعادة بعض النزالات بسبب شراسة بعضهم، اكتشفنا بأن دائماً ما تكون هنالك طُرقٌ أسهل لجعل النزال أكثر بساطة وكل ما علينا هو استكشاف قائمة أدواتنا ومحاولة استخدام الأنسب منها لدخول النزال وحقيقة، في بعض الأحيان كنت أشعر بأن طريقة مواجهة الزعيم الأساسية بالجهة المقابلة وأنا كنت أستخدم الطريق الصعبة والمكلفة وهذا إن دل فهو دليل على احترافية المطور بتصميم نزالات يتم خوضها من أكثر من جانب حسب فطنة اللاعب.

بالختام… علينا أن نتذكر بأن الهدف من Bloodstained: Ritual of the Night هو إعادة إحياء أعمال المطور لجماهير هذه الأيام وليس محاولةً منه للتفوق بالصنف وتقديم النقلات النوعية على مستواه وهو الأمر الذي لم يتم ذِكره أساساً. لذا إن كنتم تبحثون عن الفرصة التي تُعيدون فيها تجربة ألعاب الكاسلفينيا فهذه هي فرصتكم الذهبية ومن جهتي وبعد قضاء أكثر من 20 ساعة بالمراجعة أراها أفضل ما تم إنتاجه بصنف الميترويدفينيا منذ العام 2008.

تقييمنا
مؤسس موقع بوسفايت جيمنج، لاعب مخضرم، كاتب مميز، مهتم بالجانب المشرق من الصناعة ويفضل إبرازه دائماً للاعبين. مسرورٌ بخدمة القراء وهدفه الإفادة والإستفادة بمجتمعات ألعاب الفيديو.
التعليقات
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com