عند الحديث عن منصات الألعاب من شركات الطرف الأول ننتندو وسوني “وسيجا سابقاً” تتوجه نقاشات اللاعبين عن ما يميز هذه المنصات عن بعضها من ألعاب خاصة دون الخوض في أي من المميزات الأخرى حتى لو كان الجهاز خارقاً تقنياً أو جهاز ذو تصميم سيء فـ”الألعاب” تبقى هي أداة التعريف الرئيسية لذلك الجهاز بنظر اللاعبين ولا تزال كذلك حتى يومنا الحاضر. منذ ظهور منصة الاكس بوكس من مايكروسوفت بالعام 2001 وجماهير الألعاب تعرفها من خلال لعبة واحدة وهي Halo حتى كان يتم تلقيب الجهاز بـ “صندوق هيلو” لفترة طويلة من الزمن رغم ظهور مئات الألعاب الحصرية والمميزة عليها إلا أنه لم ينجح في مواكبة اسم هيلو سوى Gears of War وForza Motorsport وعالم الاكس بوكس يتم تلخيصه لدى معظم اللاعبين بهذه العناوين الثلاثة وما تُقدمه من تجارب. بالتأكيد هذا لا يعتبر وضعاً صحياً لمنصة الإكس بوكس عند مقارنتها بأجهزة ننتندو وسوني التي يعرف اللاعب هوية المنصة من خلال ألعابها القديمة والمعاصرة قبل الدخول لها وهو الشيء المفقود في الاكس بوكس ولعل السبب يكمن في تقلب إدارات الشركة بالأجيال الماضية التي كانت ترغب بإعادة تعريف للمنصة بكل جيل إضافة إلى ضعف البنية التحتية لأفرقة الطرف الأول عبر السنين الماضية واعتماد الشركة على الطرف الثاني الذي كان ينسحب بعد الخطوة الأولى في معظم الأحيان ولا يتبقى للمنصة سوى هيلو، فورزا، جيرز لتحمل مستقبل المنصة وتكون واجهتها الرئيسية حتى ظهر فل سبينسر بتصريحه الشهير بالعام الماضي 2019 بأن منصة الإكس بوكس باتت تحتاج لـ “ريبوت” وهذا ما بدا لنا واضحاً بنهاية العام الجاري 2020 فهل يمكن لمنصة الإكس بوكس أن تقول للاعبين أخيراً : أهلاً بكم في عالم “اكس بوكس” ؟ قطار التقنية في 2022، واقع لا مفر منه العام الجاري 2020 هو العام الذي كان من المفترض أن يخبئ لنا الكثير من المفاجآت ولكن الظروف الصحية الصعبة التي عصفت بالعالم وظروف العمل من المنازل حلت دون ذلك وحتى دون هذه الأسباب الأخيرة، فالتقنية لا تزال غير جاهزة رغم صدور أجهزة الجيل الجديد وسيتوجب علينا الإنتظار حتى نهاية 2021 كأقرب موعد لدخول الجيل الجديد وحسب قطار التقنية فالموعد الفعلي هو 2022 وما حصلنا عليه من إعلانات حتى الآن هي مجرد إطلالة على ما ينتظرنا في الجيل الجديد من أجهزة الألعاب المنزلية وهو العكس تماماً على ما كنا نحصل عليه في الأجيال الماضية حيث أن التقنية والعتاد كانا ينطلقان معاً بنفس العام. بالنسبة لمايكروسوفت، العام 2020 يعني التمهيد لدخول الجيل الجديد كما هو حال بقية الشركات وليس البداية الفعلية فكل ما حصلنا عليه حتى الآن هو مجرد اعلانات مبكرة وليس تأخراً عن البرنامج وهذا كان واضحاً جلياً من خطابات مسؤولي الشركة ومع نهاية العام تشكلت لنا صورة عن ما تخطط له الشركة وهي إعادة تعريف لمنصة الاكس بوكس في سوق الألعاب وهذه المرة بالطريقة الصحيحة وهي من خلال ألعابها الخاصة نفسها التي تشكل عالم المنصة، ومايكروسوفت جادة وبشكل لم يسبق له مثيل هذه المرة بتقديم ميزانية مفتوحة لقسم الاكس بوكس واستقطاب ألمع المواهب حول العالم للعمل على خطوتها الجريئة هذه والتي ستثمر في المستقبل الطويل في سوق الألعاب. فلسفة “الريبوت” ومتى انطلقت؟ بدأنا بمشاهدة الاهتمام بإعادة ابراز ألعاب الاكس بوكس بالعام 2017 مع خدمة الجيم باس والملصقات الدعائية لها وخلو اصدارات ذلك العام من هيلو وجيرز وغيرها وبنفس العام، أعلنت مايكروسوفت احتفالية الذكرى السنوية العشرون لسلسلة ألعاب الحروب الإستراتيجية الشهيرة AOE بريميك لأول جزئين ونسخة محسنة للجزء الثالث والإعلان عن الجزء الرابع المنتظر وبتلك الفترة كان تعليق فل سبينسر بأنهم يرغبون من خلال هذه المبادرة تعريف الأجيال الجديدة من اللاعبين على هذه السلسلة العريقة وبالفعل، عندما ننظر إلا ما آلات إليه الأمور اليوم، فاللاعبون حصلوا على تجربة معمقة لسلسلة مع نسخها الجديدة والتطلعات كبيرة للجزء الرابع الذي يتم تطويره بالتعاون مع فريق ريلك جيمز الاسم الشهير بصنف الألعاب الاستراتيجية كواحدة من أقوى عناوين الألعاب لشركة مايكروسوفت والمتوقع اطلاقها بالعام القادم 2021. في أغسطس من العام الجاري 2020 نجحت مايكروسوفت بإعادة إحياء سلسلة محاكي الطيران Microsoft Flight Simulator بإصدار هو الأفضل بتاريخ السلسلة والذي حظي باستقبال واسع لدى معجبي الألعاب وبالعام القادم، ستشق السلسلة طريقها للمرة الأولى على أجهزة الاكس بوكس ليتعرف عليها ملاك المنصة واللاعبون بشكل عام وبهذا تنجح مايكروسوفت بإعادة إحياء إثنين من أقدم سلاسلها على منصة الحاسب الشخصي بجودة عالية وجعلها معلم قوي يعبر عن هوية الشركة في سوق الألعاب وجميع ما ذكرناه يقع ضمن فلسفة الريبوت التي ستنتقل لمجموعة من ألعاب الاكس بوكس والبداية مع Halo Infinite التي يتم بناؤها لتكون الأضخم والأكثر جودة بتاريخ السلسلة وإعادة إحياء لأسطورة الجهاز والمؤشرات الأولية توحي بحصولنا على تلك التجربة المأمولة لدرجة أن العام القادم قد يكون عام Halo بالكامل. هوية عالم “اكس بوكس” بحاجة للمسة فاخرة من الماضي لا حاضر بلا ماضي، وماضي الاكس بوكس ليس في هيلو فقط بل في مجموعة من العناوين الكلاسيكية التي لم يحظ معظمها ببقعة من الضوء ليسطع بريقها بجانب هيلو، مايكروسوفت تدرك حاجتها للإرث القديم لتمثيل هوية الاكس بوكس والعام الجاري تعرَّفنا على الدفعة الأولى منه وهي فورزا، فيبل، بيرفكت دارك، إضافة إلى سلسلة جيرز أوف وار التي تسير في الطريق الصحيح، هذه الألعاب، يعمل على تطويرها نخبة من مطوري الصناعة تحت مظلة فرق الطرف الأول لدى الاكس بوكس وليس استناداً على جهات خارجية هذه المرة وهذا التجهيز لم يسبق له مثيل مع أي من أجيال المنصة السابقة، وبمجرد أن نلقي نظرة خاطفة على جزء من الأسماء التي تم توظيفها، نتوقع انتاجات بمستوى هيلو وربما أكثر وبهذا تفتتح مايكروسوفت جيلها الجديد بقائمة قوية جداً من العناوين الأصلية من تراث الاكس بوكس ترسم الهوية الحقيقية للمنصة بالخط العريض تماماً مثلما تفعل عناوين ننتندو وسوني. لا زلنا في مرحلة التمهيد لدخول الجيل الجديد من أجهزة الاكس بوكس ولا نعلم ما هي السلاسل الأخرى التي من الممكن أن يتم الكشف عنها خلال العام القادم 2021 ولكن عودة “سبع” عناوين من “سبع” فريق طرف أول لـ “سبع” صنوف مختلفة من الألعاب هو انجاز ضخم جداً جداً من جانب مايكروسوفت في سبيل إعادة تعريف علامة الاكس بوكس في سوق الألعاب الذي بات يعج بأكثر من 3 مليار لاعب ومع حصولنا على النتائج بالأعوام القادمة ستتمكن منصة الإكس بوكس من دعوة اللاعبين لعالمها الخاص والمتميز عن أي منصة ألعاب أخرى بالتاريخ مع ماضيها الذي تعمل على إحيائه اليوم وحاضرها مع فرقها الجديدة وما يخبؤه المستقبل من مفاجآت. ختاماً … قد ينزعج البعض من صرف مايكروسوفت لكل تلك المواهب على إرثها من الألعاب لكن التعريف بهوية المنصة هو موضوع في بالغ الأهمية ومايكروسوفت أدركت ذلك أخيراً رغم أن منافسيها يطبقونه منذ أكثر من 25 عاماً وفي حالة ننتندو منذ أكثر من 35 عاماً وهو ما حافظ على لمعان إرث المنافس وهوية منصاته مع كل جيل جديد كل تلك السنوات الطويلة. بالتأكيد مايكروسوفت ليست غافلة عن الحاضر والمستقبل وقد شاهدنا استثمارات جارفة بهذا الصدد أكسبت الاكس بوكس ما يقارب 20 فريقاً موهوباً خلال فترة زمنية قصيرة والمزيد قادم ورغم ذلك، ألعاب هذه الفرق الجديدة ومهما كانت جودتها واختلاف أصنافها فهي لن تمثل هوية منصة اكس بوكس على الأقل ليس لهذا الجيل، بل لجيل آخر قد يكون بعد عقدٍ كامل منذ الآن.